مصر: أسباب سياسية وإدارية وراء حل 4 دوائر إرهاب

مصر: أسباب سياسية وإدارية وراء حل 4 دوائر إرهاب

05 نوفمبر 2019
أنشئت دوائر الإرهاب عقب أحداث انقلاب 2013 (إسلام صفوت/Getty)
+ الخط -
أعلنت محكمة استئناف القاهرة، الأحد الماضي، حل أربع من دوائر الإرهاب في محكمة جنايات القاهرة، وتوزيع قضاتها على أعمال ودوائر أخرى، ما قلّص عدد دوائر الإرهاب الناشطة في المحكمة إلى خمس فقط. وأثار القرار علامات استفهام عديدة، بالنظر إلى اتجاهات سابقة لدى النظام نحو إنشاء محكمة خاصة لجرائم الإرهاب في العام 2015، وهو ما رفضه مجلس القضاء الأعلى آنذاك، ليتم الاكتفاء فقط بالنص في قانون مكافحة الإرهاب رقم 94 لسنة 2015 بأن يتم تخصيص دائرة، أو أكثر، من دوائر محاكم الجنايات يكون رئيس كل منها بدرجة رئيس بمحاكم الاستئناف لنظر الجنايات من الجرائم الإرهابية والجرائم الأخرى المرتبطة بها.

وكانت وزارة العدل قد أنشأت دوائر الإرهاب عقب الأحداث التي أعقبت انقلاب يوليو/ تموز 2013، واعتقال عشرات الآلاف من المتهمين بالانتماء إلى جماعة الإخوان المسلمين وجماعات إسلامية أخرى، والتظاهر والتجمهر والعنف ضد الشرطة والجيش، وارتكاب عمليات إرهابية والتخطيط لها أو التحريض عليها. وكان عدد الدوائر في البداية 13 في القاهرة، بمتوسط دائرتين في كل محكمة استئناف على مستوى الجمهورية.
وقالت مصادر قضائية واسعة الاطلاع إن هناك أسباباً إدارية للحل، تتمثل في أنه منذ بداية العام القضائي الماضي 2018-2019 انخفض بصورة كبيرة عدد القضايا المنظورة أمام جميع دوائر الإرهاب المتبقية، والتي كان عددها تسع، حيث أحالت النيابة العامة عدداً قليلاً جداً من القضايا لتلك الدوائر. كما انخفض عدد القضايا المُحالة من محكمة النقض لإعادة المحاكمة فيها مرة أخرى، بسبب التعديل التشريعي في العام 2017، الذي جعل من محكمة النقض محكمة موضوع تتصدى للطعون مباشرة من المرة الأولى لنظرها دون إعادة، بحجة تسريع الفصل في القضايا وتخفيف العمل عن محاكم الجنايات.

وأضافت المصادر أن رئيس محكمة استئناف القاهرة لاحظ بمطالعة تقارير الإنجاز الخاصة بتلك الدوائر اقتصار عملها في الأشهر الأخيرة، ولأسابيع كاملة، على نظر قرارات تجديد الحبس واستئناف النيابة على قرارات إخلاء السبيل، والتي لا تستغرق وقتاً طويلاً للدراسة واتخاذ القرار، في حين تعاني دوائر محكمة جنايات القاهرة الأخرى من تكدس القضايا وقلة عدد القضاة، فبيّت النية لتقليص عدد الدوائر حين يسمح الوضع بذلك. وأوضحت المصادر أنه سبق واتخذت بعض الإجراءات التقديمية التي كانت تشير إلى أن قرار حل بعض الدوائر سيأتي عاجلاً، مثل تقليص عدد الموظفين المساعدين للقضاة في تلك الدوائر، بناءً على انخفاض عدد القضايا. وأشارت إلى أنه تم اختيار الدوائر الأربع التي تم حلها على مجموعة من الأسس، منها عدد القضايا المنظورة، وعدد القضايا التي من الوارد عودتها من محكمة النقض، وكذلك كفاءة رؤسائها ونسبة الأحكام التي تلغى لهم في الدرجة الأعلى.


أما السبب السياسي ـ القانوني الأكثر أهمية في سياق اتخاذ هذا القرار، فهو أن وزارة العدل والجهات السيادية والأمنية أيدت حل الدوائر الأربع بسبب أن إنشاءها كان يهدف أساساً لسرعة نظر القضايا الجنائية الخاصة بوقائع الإرهاب، وكذلك معارضي النظام، وفي ظل حالة الطوارئ التي تعيشها مصر منذ 3 سنوات ونصف السنة أصبح الأسهل إحالة تلك القضايا إلى دوائر الجنايات العادية، المنعقدة بهيئة محكمة أمن دولة طوارئ، بالنسبة للجنح، وهيئة محكمة أمن دولة عليا، بالنسبة للجنايات. علماً أن الأحكام الصادرة من تلك المحاكم في هذا الوقت لا يجوز الطعن فيها لأي سبب، وتكون نهائية وباتة دون العرض على محكمة النقض، ما أوجد حالة من السهولة في التعامل مع تلك القضايا بما يتجاوز الفوائد المحققة من تخصيص دوائر الإرهاب.

ونصّ الدستور المصري على عدم جواز تمديد حالة الطوارئ لأكثر من مرة واحدة، غير أنّ الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي عمد إلى إعادة إعلان الطوارئ، بعد يوم أو أكثر من انتهاء فترة المدّ، ثم يعرض قراره على البرلمان ليحصل على موافقته بأغلبية عدد الأعضاء، ومدّ الحالة مجدداً بعد ثلاثة أشهر إضافية بموافقة ثلثي النواب، الأمر الذي يعني أن حالة الطوارئ ليست لها نهاية محددة فعلياً في مصر. وحالة الطوارئ التي يترتب عليها انعقاد دوائر الجنايات بهيئة محاكم أمن دولة، تشمل جميع أنحاء مصر منذ 10 إبريل/ نيسان 2017، على خلفية استهداف بعض الكنائس في محافظات القاهرة والإسكندرية والغربية من عناصر تنظيم "ولاية سيناء" الإرهابي، التابع لتنظيم "داعش"، الذي ذهب ضحيته العشرات من المواطنين المسيحيين، بعدما كانت حالة الطوارئ مقتصرة فقط على مناطق شمال سيناء منذ أكتوبر/ تشرين الأول 2014.

المساهمون